المملكة المغربية
عندما تفكر بأنك ترغب في اقتلاع شجرة توجد بموازة نافذة منزلك وتعتقد أنها هي التي تحجب عنك ضوء الشمس في واضحة النهار سيكون الأمر سهل المنال و القيام به يتطلب فقط النبش والحفر من تحتها لتقلعها من جذورها وربما ستموت إذا لم تعيد غرسها في أقرب وقت في مكان قريب من مكانها لتعيش وتحيا عروقها من جديد وذلك لن يتم إلا إذا أعدت عليها نفس تربتها ثم تهتم بسقيها ورعايتها.
نعم ! فذلك حال تلك الفتاة الصغيرة التي مازالت تحتفظ وتلعب بأول لعبة اشترتها يوم العيد والتي تخاف أن تخرج لتلعب بها فتتوه في مكان بعيد. لقد حل على بيتهم رجل غريب يطلب زواج هذه الطفلة التي مازالت لم تكتمل سن الرشد والبلوغ و مازالت لم تنضج قواها الجسدية ولا العقلية لاتتحمل عب ء تبعات الإنجاب وتربية الأولاد ولتستوعب هذا الوضع المريب الذي تقشعر منه الجلود وتضيق منه النفوس وكأن الأيام تعيد قصة الشجرة التي اقتلعت بالأمس الغير البعيد والتي كانت تلعب تحت ظلها ولكن اليوم دفء الشمس التي اعتادت عليه في صباها سيغيب ولن يعود ليشرق عليها من جديد. فزواجها في صغر عمرها هو جريمة في حقها واقتلاع من الجذور كما صار بالشجرة لبراءتها وطفولتها واغتصاب لروحها و جسدها. إنه حيف و سلب لحريتها تحت جبروت و ظلم كل من يشجع على تزويجها تريد أن تصرخ بأعلى صوتها ولكن لا أحدا يسمع آهاتها وصراخها.
إنها ظاهرة مشينة منتشرة بشكل كبير في القرى والحواضر لاترحم الفتاة دون سن الرشد. فهي جريمة لا تغتفر لا من طرف والديها ولا مرتكبيها فهو زواج يفتقر لأضعف وأبسط الشروط و مقوماته ومؤهلاته المنعدمة لشروط الزواج .إنهم يقدمون عليه سرا وفي بعض البوادي علانية بدون توثيق ولا وثيقة عدل تحت ذريعة التشبت بالتقاليد والعادات والفقر وعدم القدرة على الإنفاق وفي بعض الأحيان يذهب بالآباء الشجع والطمع باعتقاد خاطئ يضنون أنه السبيل في تطوير التحالف بين الأسر فيقدمون على تزويج بناتهم التي لا تعرفن ولا تعلمن عن هذا الزواج إلا ٱسمه فيزوجونهن قهرا من أحد ذويهم لتبقى حصيلة إرثهم مقسمة وحبيسة فيما بينهم.
إن الفتاة في سن عمرها مكانهافي كنف بيتها وأسرتها وعلى مقاعد مدرستها التي ستعود بالنفع عليها وعلى مجتمعها في مسار مستقبلها وصيرورة حياتها.
إذن فهي ظاهرة غير صحية ولها آثار نفسية عميقة وسلبية على الفتاة و الأسرة على حد سواء لأنها في هذه المرحلة بالذات مازالت لم تكتمل نموها وغير مهيأة للزواج لا من الناحية العقلية ولا الثقافية ولا الاجتماعية ولا الجسدية.
إنه زواج القاصرات الذي غالبا ما ينتهي بالتشرد و الطلاق واغتصاب لحق الطفولة واعتداء صارخا على كرامة الطفل والطفولة.
.