مكة المكرمة
ركضت مسرعة نحوه.. قفزت بين أحضانه، حملها برفقه المعتاد وهي تبتسم ابتسامة تزول معها كل متاعب اليوم الذي يرهقه، جلس على أريكته، فتوسدت قدميه ثم أنثنت تقبلهما بعنف بريء.
غمر كفه الدافيء وسط شعرها الكثيف، فرفعت رأسها الصغير، تأمل عينيها السوداوين تلمعان، ورغم ضحكتها العميقه، لاحظ تلك الدمعة التي أبت إلا أن تفضح كل مابداخلها!!
تلعثمت حروفه قبل أن يسألها، وهو يبتلع غصة الحزن من ألمها...بدأ يعبث بانامله على وجنتيها قائلا : ماالذي يبكي صغيرتي الفاتنة؟
أهو نفس السبب!!
هزت رأسها الصغير، ثم قالت : متى ستفي بوعدك لي وتكون الأخيره!!
نظر إليها في صمت طويل...
مرر انامله برفق على وجهها الصغير كأنما يرسمه بأعمق تفاصيله في قلبه حتى لاتنسى!
رمقت بحزن شديد كفه الأخرى،لقد كانت تقف بين أنامله شامخه ويفوح دخانها الكثيب من زفراته حينا ومن انامله حينا أخرى، وقبل أن تدير رأسها وتخفيه بين أحضانه. أطفاها في غمدها على طرف ذلك الطبق، نظر إليها مبتسما ثم قال في هدوء هذه هي الأخيرة يافؤادي!!
صرخت وهي تقفز نحو كتفيه، عانقته كما لم تعانقه من قبل، طوق بذراعيه جسدها النحيل، غمرته بالقبلات، ودموعهما تختلط بصوت سعاله الذي دائما ما يخنقها شجنا!!
هذه المره... قالت له : والفرح يسكنها سلامتك يابابا.
ركضت والتفتت إليه انتظر سأحضر لك الماء حالا ...
صرخت ماما ماما لقد أطفاها ياماما لقد وفى بوعده لي، انها الاخيره ياماما... أمسكت بكفيهاا الصغيرين كأس الماء كأنما تخاف هروبه من يديها وهي تركض تسابق الدنيا...
نظرت إلى امها التي توسدت قدميه هذه المره في وهن وهي باكية!!
تجمدت في ذهول... ثم... سقط الكأس!!
رسالة أخيره...
وأنت متى ستكون الأخيره؟