من الظواهر السلبيّةالتي تتباين قوّة وأثرا من شاعر لآخر، وهذه الظّواهر تؤدّي إلى تآكل الموهبة وانحدارها إلى حدّ الانحطاط أحيانا، ونادرا ما سلم منها شاعر كبير أو صغير، إن صحّ أن يتمّ تصنيف الشّعراء حسب هذا التّصنيف الانطباعيّ، الّذي ربّما بدا بسيطا، فإمّا أن تكون شاعرا وإمّا لا، على أنّه يحلو لي من باب القناعة الذّاتيّة الخاصّة التّفريق بين الشّاعر وكاتب الشّعر، فمع ندرة تحقّق الصّفة الأولى، تجد الكثرة الكاثرة لهؤلاء الكتبة، وهؤلاء لا يصحّ في الحالة الطّبيعيّة أن يشكّلوا ظاهرة أدبيّة، إلّا بالاعتبار السّلبيّ للظّاهرة، ليتخلّل مسيرتهم ظواهر سلبيّة أخرى ارتداديّة، فهم "لا خلاق لهم" في الشّعر وصناعته الجماليّة، ولكن لكثرتهم وخطورتهم على الشّعر والذّائقة، ولأنّهم يمارسون دورا تخريبيّا
ولعلّ أوّل ظاهرة سلبيّة في مسيرة هؤلاء الكتبة هي موت الشّاعر فيهم فنيّا وجماليّا بعد الإصدار الأوّل، وكثير منهم توقّفوا بعد الخطوة الأولى، وهذا التوقّف قد يكون ناتجا عن تواضع الموهبة الشّعرية أو أنّ الشّاعر قد اقتنع أنّه وصل لحدّ الامتلاء ولم يعد بمقدوره تجاوز نفسه في ديوان جديد.